ممنوع في سقطرى!

ممنوع في سقطرى!
بقلم/ صلاح مبارك
من جديد عاد المجلس المحلي في (حديبو) بجزيرة سقطرى ليذكر الناس أجمعين بالقرار التاريخي الذي اتخذه مطلع العام الماضي بمنع تعاطي القات في الجزيرة , وهو القرار الذي باركه – يومها - المجلس المحلي في محافظة حضرموت ومعه فعاليات المجتمع المدني من علماء وساسة وصحفيين ومهندسين وأطباء ومثقفين وناشطين حقوقيين في (تحالف مدني بلا قات) ..
ولكن هذه المرة مع الدخول في إجراءات عملية وتوفير آليات تنفيذ تمكّن من تطبيق هذا القرار الشجاع الذي يتماشى مع الخصوصية البيئية لهذه الجزيرة بوصفها واحدة من المحميات الطبيعية ومن جزر الأحلام والعجائب.
إن تأكيد وتشديد المجلس المحلي في سقطرى قبل يومين على منع دخول القات إلى الجزيرة وبالتالي عدم تعاطي هذه الشجرة الخبيثة فيها هو احترام حقيقي للإرادة الشعبية ومصالح جموع الناخبين في الجزيرة ويسير في الاتجاه الصحيح والسليم والمتسق مع التوجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات الرسمية والشعبية التي تدعو - علناً – إلى محاربة القات ومكافحة آثاره.
لقد أصبح القات في مجتمعنا المحلي شراً مستطيراً يتوجب النهوض لمواجهته ومكافحته لما أحدثه ويحدثه هذا الوباء من مضار صحية ونفسية واقتصادية واجتماعية.
والصور والقصص عن مآسي القات لا تُعدّ ولا تحصى وهي شواهد حاضرة أضحت من فظاعتها تُدمى لها القلوب.. فهذه الشجرة الشيطانية حولت الأحلام والأمنيات الجميلة لشبابنا إلى كابوس وخراب وبلاء .. فمن حق أعضاء المجلس المحلي في جزيرة سقطرى – وهم النخبة المؤتمنة والحائزة على الثقة - أن يرفعوا أصواتهم عالياً وأن يتخذوا قرارهم الشجاع من أجل حماية ناخبيهم ويختصروا أي طرق تؤدي إلى الحفاظ على مجتمعهم وصحة وسلامة أهلهم ومستقبل أبنائهم من آفة القات المدمرة , فالقانون إلى جانبهم ما داموا يمارسون مهامهم واختصاصاتهم طبقاً للدستور والسياسة العامة للدولة وملتزمين بالصدق والموضوعية والتجرد في عرض القضايا والآراء والملاحظات, فلا ينبغي أن يحمل منع دخول القات إلى جزيرة سقطرى أبعاداً غير واقعية , فالمجتمع المحلي يكتوي ويتأذى بسموم هذه الشجرة الشيطانية الخبيثة، وليس من الأمانة والحكمة والمسئولية أن يظل المسئولون ومن بيدهم القرار في أجهزة السلطة المحلية في الوحدات الإدارية مكبلين صاغرين لما يجري حولهم من مشكلات سببها الرئيس آفة (القات المدمرة).
وما دمنا نتحدث عن السلطة المحلية والانتقال إلى الحكم المحلي واسع الصلاحيات لا ضير أن نتقبل ما سيأتي من مشاريع المحليات بصدر رحب وعقلية منفتحة متحررة من القيود والعقد، فمصالح المجتمعات المحلية لن يكون أدرى بها و«أخبر» من المجالس المحلية المنتخبة فـ «أهل مكة أدرى بشعابها» , لهذا يتوجب مد هذه المجالس وتعميدها بالثقة لتسهم في خلق حراك حقيقي ينهض بالشأن المحلي وفق ضوابط واشتراطات واضحة المعالم والتزامات الخصوصية البيئية التي تساعد على تدعيم وتطوير الايجابيات والتنافس في تقديم الخدمات ورعاية المصالح المحلية ..
أن يكون القات منبوذاً وممنوع دخوله إلى جزيرة سقطرى هو بحد ذاته خبر سار وأتوقع أن تسير على هداه مناطق ومحافظات أخرى , وحضرموت أقرب لذلك، فهي إلى سنوات قريبة كانت لا يعرف القات إليها درباً ولا مسلكاً , فقد كان دخول هذه النبتة الشيطانية إليها ممنوعاً أو هكذا كان سائد الاعتقاد, وقد يحيي قرار محلي سقطرى التجارب والقرارات الايجابية ويشعل جذوة الأمل في التخلص من مشكلات تعاطي القات أو الحد منها على أقل تقدير.
ترى: هل سينجح المجلس المحلي في (حديبو) هذه المرة في تطبيق قراره الشجاع بعدم دخول القات جزيرة سقطرى ومنع تعاطي هذه الشجرة الخبيثة فيها ..؟ من يدري ربما ينجح ويسجل المجلس المحلي في سقطرى مجد جديداً ..؟
Salahboabes@yahoo.com
عن صحيفة الجمهورية
الأربعاء 15 إبريل 2009