المؤتمر الشعبي العام - فرع السودان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المفارقة الرمزية بين الأنا والآخر في قصيدة "متوازيات" لمحمد حسين هيثم

اذهب الى الأسفل

المفارقة الرمزية بين الأنا والآخر في قصيدة "متوازيات" لمحمد حسين هيثم Empty المفارقة الرمزية بين الأنا والآخر في قصيدة "متوازيات" لمحمد حسين هيثم

مُساهمة  master الثلاثاء مارس 31, 2009 11:46 pm

المفارقة الرمزية بين الأنا والآخر في قصيدة "متوازيات" لمحمد حسين هيثم
الثلاثاء - 31 - مارس - 2009 - فواز أبو منصر



ترتكز القصيدة المعاصر جزئيا على عتبة النص/ العنوان وهي بدورها تأخذ المتلقي القارئ نحو الولوج إلى النص، من هنا تأخذ قصيدة "متوازيات" أبعادها الدلالية من عتبة النص/ العنوان التي توحي في الشكل الظاهر بالمتوازيات من الأشياء التي تفضي على مستوى التكرار الصوتي إلى طلبات متوازية في الأنساق الكتابية "تريد، أريد" لكنها تأخذ أبعادا رمزية ذات دلالات أخرى تذهب بالقارئ إلى فضاءات رحبة من خلال المفارقة الضدية في ثنايا النص بين "الأنا" و"الآخر"، واللذان يتمحوران بأبعادهما الدلالية، فيتمثل "الأنا" من خلال الصوت البارز في ثنايا النص وهو ضمير المتكلم بينما يتمحور "الآخر" من خلال الضمير المخاطب الذي يأخذ الدلالة البدائية من تشظي الدلالات الكلية المتمثلة شكلا في عدة لوحات/ مقاطع نمطية تحيل كل واحدة منها إلى عنوانها الخاص والذي يقوم بدوره في إثبات الدلالة الشكلية للنص فهو يفتتح من خلال اللازمة "تريدين قصيدة" التي تتكرر ست مرات على مستوى القصيدة كاملة لتفضي إلى إصرار (الآخر) في غرضه المطلوب من "الأنا" هذا الأمر يأخذ المقابلة الضدية من (الأنا) الذي يصرُّ على طلبه في حالة إذا أصرَّ (الآخر) كذلك على طلبه من تكرار الشيء الذي يريد تحقيقه.
ففي المقطع الأول:
تريدين قصيدة
وأريد لرأسي صخرة
يحطُّ عليها
يفتتح النص بصوت (الآخر) من خلال اللازمة "تريدين قصيدة" والتي تفضي بطلبها للقصيدة على مستوى السطح ولكن (الأنا) يوحي بشيء من التراسل في الأفكار من خلال طلبه لرأسه بـ"صخرة" والتي تجعلنا في هذا الطلب والذي يتضح شيئا فشيئا من خلال "يحطُّ" لتأخذنا مباشرة إلى العنوان الفرعي "الحرية" لتفضي بدلالتها المفرقة في الرمزية نحو سلطة الآخر، وارتباطها دلاليا بما بعدها.
ففي المقطع الثاني:
تريدين قصيدة
وأريد لصمتي مظاهرة لا تحدها العصا
يتضح - مما سبق - مدى ملاءمة القطعة الأولى لعنوان "الحرية" والذي أدلل عليه من خلال المقطع الثاني لتمني "المظاهرة" التي تتمحور حول "الصمت" ليشكل انزياحا عن البنية العامة للفة. وهو، كذلك، يوحي بالصمت المتضرم حرقة ليأخذ طريقه نحو البوح في ذات (الأنا) الذي طال كتمه، فأراد الشاعر أن يجعل الصمت مظاهرة صاخبة ولكنها مشروطة بألا "تحدّها" العصا وهنا مكمن الحرية المعنونة في المقطع الأول ويمكن أن نعنون هذه القطعة بـ"الإنطلاق من الصمت" نحو الفجر المشرق، فـ"العصا" تتمحور حول رمز القمع السلطوي.
وفي المقطع الثالث:
تريدين قصيدة
ما أريد لقدمي الهادرتين
عشباً حاذقاً
وأصدقاء كثيرين جداً
يتضح عنوان "السعادة المرجوة" والذي يتساوق مع الأفكار والفرعية السابقة/ فطلب (الأنا) ليس إلا أن تحط قدماه في مكان آمن مليء بـ"العشب" دلالة رامزة على الحياة الكامنة في هذه الأرض المخضرة بحياتها، وكذلك عندما يريد "أصدقاء" موصوفين بالكثرة دلالة على السعادة الجمة التي تتراءى لـ"الأنا"، ونلحظ - كذلك - الارتياح في الـ"عشب" من خلال وصفه بـ"حاذقاً" فهذا العدول دلالة على القدرة الفائقة الكامنة عند المبدع ليخلق من خلاله لغة ذات دلالات جديدة.
أما في المقطع الرابع:
تريدين قصيدة
وأريد لتعبي مقهى عادلا
فجرا استثنائيا
حوائط أربعة مدربة بإتقان
ربما سيجارة جانبية
تلائم البروفيل الأخير
ومرثية بمواصفات خاصة من أجلي
ومشنقة فارهة
في هذه القطعة والتي يمكن عنونة فكرتها الفرعية بـ"المصير النهائي المرتقب" يتضح إصرار (الأنا) تكراراً على التواجد في ثنايا هذا الوصف الصاخب من خلال عدة طلبات قد تكون ذات أبعاد روحية عندما يحس (الأنا) بالنهاية، فهو يريد أن يلقي بأتعابه في عتبات ذاك المقهى الذي يأخذ البعد الجمالي من خلال الإنزياح بصفة المقهى بـ"عادلاً" وهو مقهى لا يتراءى للجميع بل يأخذ الخصوصية الرمزية دلاليا عند (الأنا) الذي يبحث عن الفكرة العامة وهي الحرية، لذى يكون الـ"فجراً" "استثنائيا" خصوصا وهو يرمز نحو الشيء الذي يرتجيه (الأنا) والذي يتنافى بدوره مع (الآخر) فهو فجر المستقبل الغائب في فضاءات السلطة المنقطعة عن أي حرية، هذا الفجر طالما حلم به، ولكنه يعلم بأنه سيلقي رفضا قاسيا من خلال المحذوف في الكلام، لذلك لجأ (الأنا) ورضخ تحت قهر السلطة إلى "حوائط أربعة" دلالة رمزية على الكبت الداخلي بعدم تحقق الحرية، فلا يجد أمامه إلا تلك الحيطان الأربعة الرامزة نحو الخضوع والقهر والتي لا مفر منها في رؤيته، وما دام الأمر كذلك فلا بد من تحقق بعض رغبات (الأنا) الأخيرة في "سيجارة جانبية" وهي شيء بسيط وزهيد بخصوصيتها أمام منطلق الحرية الذي لا يحدَّه فضاء، فهو يتمنى حفلاً ربما يكون نهاية تلك التمنيات "تلاءم البروفيل الأخير" والتي ستردي به نحو المتوقع من (الآخر) السلطوي، فهو يريد شيئا يمكن أن يتحقق من قبل (الآخر) فلجأ (الأنا) نحو رغبة توديعية من رغباته التي لا يمكن أن تتحقق "مرثية بمواصفات خاصة من أجلي" "ومشنقة فارهة" لذلك سيسارع (الآخر) في إعطائها له لأن من شأنها كبت جماح (الأنا) المتعالية نهائيا - من جهة نظر الآخر - على الأشياء ستجعل منه محط سخرية إن قام هو بتنفيذها وهي الحرية بكل معانيها.
أما المقطع الخامس:
تريدين قصيدة
وأريد لأشلائي امرأة
ترتل الأنهار كل صباح
فنلاحظ المغايرة المستخدمة عند (الأنا) "أريد لأشلائي امرأة" لأن الأشلاء لا تتقبلها المرأة بل تجد رغبتها - أي الأشلاء - الجارفة نحو الأرض التي تحتضن تلك الأشلاء بسعادة غامرة، مقابلة تلك المرأة التي لا يمكنها تحقيق رغبة (الأنا) في احتضان أشلائه، بل نفورها الذي يجعل من تحقق رغبات (الأنا) غاية في الصعوبة، فهذه المغايرة تأخذ جمالياتها من خلال الانزياح اللغوي في إسناد "ترتل الأنهار" للمرأة كل صباح مما يدفعنا نحو التأكد بعدم تحقق تلك الرغبات لتستمر في دائرة مغلقة بين (الأنا) و(الآخر) تذهب وتجيء على غير إجابة وتحقق ويتضح ذلك من خلال الشكل الطباعي في المقطع الأخير من القصيدة:
تريدين قصيدة
وأريد.....
فهذا الشكل - أي الطباعي - هو الذي يجعل من القصيدة مفتوحة على دلالات أخرى ينتجها القارئ، فهي ذات رغبات لا متناهية ومتساوقة كذلك مع دلالات التكرار "تريدين قصيدة وأريد" وهو مظهر متواز على المستوى السطحي والذي تخالفه المفارقة العميقة بين (الأنا والآخر) ليفتح للنص على دلالات لا متناهية.
فالعنونة الفرعية للمقطوعات "الحربة، الانطلاق في الأفق، السعادة المرجوة، والمصير النهائي المرتقب" ليدل رمزيا على أن التوازي بين (الأنا) و(الآخر) ليست إلا على المستوى السطحي للقصيدة، أما على المستوى العميق فالرمز يتجلى نحو (الآخر) ليكشف السذاجة السلطوية القمعية عنده، وهذا بدور يأخذنا نحو المفارقة التامة في المضمون بين (الأنا)
و(الآخر).

master
Admin
Admin

عدد المساهمات : 902
تاريخ التسجيل : 29/10/2008
العمر : 44

https://alkheel.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى